تقع بلدة حوش عرب في قلب القلمون بريف دمشق، على ارتفاع يقارب 1650 مترًا فوق سطح البحر، محاطة بجبال شامخة وأودية خصبة جعلت منها بلدة تجمع بين الأصالة والجمال. تعود جذور البلدة إلى ما يقارب ثلاثة قرون، إذ بُنيت فوق أنقاض قريتين قديمتين هما «عرب» و«الخريبة»، لتصبح منذ ذلك الحين شاهدًا حيًا على تاريخ طويل من الصمود والعراقة.
رغم صغر مساحتها الجغرافية، برزت حوش عرب كبلدة كبيرة بعطائها وأصالتها. فقد تميزت عبر تاريخها بأنها بلدة العلم والمعرفة، حتى اشتهرت بأنها البلدة التي لا يوجد فيها أمي واحد، حيث اعتاد أبناؤها الانتقال إلى دمشق شتاءً لطلب العلم، ثم العودة صيفًا إلى البلدة حاملين معهم زادًا من المعرفة والخبرة.
يبلغ عدد أبناء البلدة اليوم نحو 10,000 نسمة، يقيم قسم منهم داخل البلدة، فيما ينتشر الكثير منهم في أنحاء سوريا والمهجر، خاصة في أوروبا ودول الخليج. ورغم التباعد الجغرافي، يبقى الرابط بينهم قويًا، يجمعهم حب الأرض والوفاء للتضحيات التي قدّمتها حوش عرب.
اقتصاديًا وزراعيًا، تميزت البلدة بخصوبة أراضيها ومناخها المعتدل، فاشتهرت ببساتين التفاح والكرز والمشمش والدراق واللوز، كما زُرع الزيتون في «مزرعة شميس». الطبيعة الجبلية جعلتها بيئة زراعية مميزة ومصدر رزق لأهلها.
وعلى الصعيد الوطني، كان لأبناء حوش عرب دور بارز في الثورة السورية الكبرى (1925–1927) ضد الاستعمار الفرنسي، إذ شاركوا في معارك القلمون وقدّموا التضحيات في سبيل الحرية. كما ساهموا في حرب تشرين 1973 ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث ارتقى عدد من الشهداء دفاعًا عن الأرض والوطن.
ومع انطلاق الثورة السورية عام 2011، كانت حوش عرب من أوائل بلدات القلمون التي انخرطت في الحراك الشعبي، وقدّمت الكثير من الشهداء والمعتقلين والمهجّرين، لتثبت أن صغر حجمها لم يمنعها من أداء دور وطني كبير في وجه الظلم والاضطهاد.
اليوم، وبعد أكثر من أربعة عشر عامًا من المعاناة، يسعى أبناء حوش عرب في الداخل والخارج إلى إعادة النهوض ببلدتهم، عبر مشاريع خدمية وتنموية، ودعم الأيتام وأسر الشهداء والمعتقلين، وتعزيز روح التضامن والتلاحم بين أهلها. ومن هنا جاء إنشاء هذا الموقع والجمعية، ليكونا منبرًا يوثق تاريخ البلدة وتضحياتها، ويربط أبناءها أينما كانوا، ويوحد جهودهم في خدمة الأرض والإنسان.
لقد ورد ذكر حوش عرب في عدد من المصادر التاريخية والجغرافية، منها معجم البلدان لياقوت الحموي، وسجلات الدولة العثمانية، كما أشار إليها المستشرق ريتشارد بوكوك في رحلته عام 1737، وذُكرت في معجم القرى السورية للويس المعلوف (1927). كما وردت في مذكرات المجاهدين إبان الثورة السورية الكبرى، ووثّقها المكتب المركزي للإحصاء عام 2004 حيث بلغ عدد سكانها آنذاك 2,073 نسمة. حديثًا، نُشرت عنها مقالات في موسوعة المعرفة وويكيبيديا، لتؤكد مكانتها التاريخية والاجتماعية.
حوش عرب ليست مجرد نقطة على خارطة سوريا، بل هي قصة صمود وعطاء، ورمز للوحدة والتلاحم، وبلدة صغيرة بحجمها، كبيرة بدورها الوطني والإنساني.
ثقافة وفخر
اكتشف تاريخ البلدة وأهمية تراثها الثقافي.






الموقع الجغرافي
تقع البلدة في قلب سوريا الجميلة.